حديثنا اليوم يا أبنائي عن عالم من أهم علماء المسلمين في تاريخنا الإسلامي إنه أعظم شخصية في علم الطب في القرن السابع الهجري، اسمه علاء الدين علي بن أبي الحرم القَرشي الدمشقي الملقب بابن النفيس.
ولد بقرية قرش بالقرب من دمشق بسوريا عام 607 هـ، وتعلم بها ودرس الفقه واللغة والحديث والفلسفة، واهتم بعلم الطب وكان معاصرا لابن أبي أصيبعة صاحب كتاب "عيون الأنباء في طبقات الأطباء"، فانكب على علم الطب، ودرس على يد العالم الطبيب ابن دخوار.
وبعدما شب سافر إلى مصر وهو في الخامسة والعشرين من عمره، وعمل في المستشفى المنصوري بالقاهرة الذي أنشأها السلطان قلاوون، وظل بها حتى لمع نجمه، واشتهر وبلغ من علمه أنه انتقد ابن سينا وجالينوس في بعض اكتشافاتهم الطبية، وأثبت خطأها وأصبح ابن النفيس عميدا للطب والأطباء في زمانه بلا منازع.
كان ابن النفيس هو الطبيب الخاص للسلطان بيبرس سلطان مصر، وكان مجلسه مفتوحا في داره يحضره أمراء ووجهاء القاهرة يتعلمون منه، ولم تقتصر شهرته في الطب وحده، بل كان من كبار علماء عصره في الفقه واللغة والحديث والفلسفة كذلك.
وقد كان رحمه الله شافعي المذهب، وهب نفسه للعلم؛ إذ حرم من نعمة الأولاد، ولكنه ترك كثيرا من التلاميذ، و كتب العديد من الكتب في مختلف المجالات أشهرها: الشامل في الصناعة الطبية، وهو أضخم موسوعة علمية يكتبها إنسان بمفرده في تاريخ البشرية إذ تقع في ثلاثمائة مجلد.
وكتاب المختار في الأغذية، وكتاب بغية الطالبين وحجة المتطببين، وكتاب بغية الفطن من علم البدن. كان الاعتقاد السائد قبل ابن النفيس: أن الدم يتولد في الكبد، ومنه ينتقل إلى البطين الأيمن في القلب، ثم يتوزع إلى بقية أعضاء الجسم.
ولكن ابن النفيس أثبت خطأ هذا الاعتقاد؛ إذ اكتشف أن الدم ينطلق (قبل أن يتوزع على الجسم) إلى الرئتين، ثم يعود إلى القلب، وهو ما يعرف بالدورة الدموية الصغرى.
يقول ابن النفيس: "إن الدم ينقى في الرئتين من أجل استمرار الحياة، وإكساب الجسم القدرة على العمل، حيث يخرج الدم من البطين الأيمن إلى الرئتين، حيث يمتزج بالهواء، ثم إلى البطين الأيسر".
وبذلك يكون ابن النفيس العالم المسلم هو أول من اكتشف الدورة الدموية الصغرى.
بقي ابن النفيس في القاهرة حتى مات سنة 687 هـ، وأوقف ماله وداره وكتبه للمستشفى المنصوري، وكتب قائلا: "إن شموع العلم يجب أن تضيء بعد وفاتي".
رحم الله ابن النفيس، وجزاه عن الإسلام والمسلمين خيرا، وأسكنه الفردوس الأعلى من الجنة.
المصدر: موقع لها أون لاين